تحقق

نشر في : 09-10-2024

حدثت في : 2024-10-10 09:18:22

بتوقيت ابوظبي

أحمد جمال أحمد

يستكشف معرض في مكتبة هنتنغتون ومتحف الفن والحدائق النباتية كيف نظر المثقفون الغربيون إلى أزمة المناخ بين عامي 1780 و1930.

في عام 1884، كتب الناقد الفني الإنجليزي جون رسكين: "بسبب رياح الطاعون، يصبح كل نفس هواء تستنشقه ملوثًا".

ووصف تلوث الهواء الناجم عن التصنيع بأنه "سحابة العاصفة، أو بشكل أكثر دقة، سحابة الطاعون" في القرن التاسع عشر، مما كان يمثل تنبؤا بالتطور السريع لتغير المناخ الناجم عن الأنشطة البشرية.

وفي عام 2022، بعد ما يقرب من 140 عامًا من تقديم رسكين لهذا التنبؤ، قدرت منظمة الصحة العالمية أن 99% من سكان العالم يتنفسون هواءً ملوثًا مرتبطًا بالانبعاثات الخطيرة الناتجة عن الوقود الأحفوري مثل الفحم والنفط.

وتطفو عبارات تنذر بالسوء من محاضرة رسكين وملاحظات أخرى ثاقبة حول تأثير التصنيع على البيئة على جدران "سحابة العاصفة.. تصوير أصول أزمة المناخ لدينا"، وهو معرض جديد في مكتبة هنتنغتون ومتحف الفن والحدائق النباتية في سان مارينو، كاليفورنيا.

بفضل مجموعاتها الكبيرة من التاريخ الأدبي والفني والطبيعي فإن مكتبة هنتنغتون في وضع جيد لدراسة كيف شهد الأوروبيون والأمريكيون ووثقوا أزمة المناخ في بداية تشكلها بين عامي 1780 و1930.

ويقدم الموقع الإلكتروني لمجلة مؤسسة "سميثسونيان" العريق، دلائل على أسلوب تصوير العلماء والفنانين والكتاب للتغير المناخي في أزمانهم.

من الدلائل على ذلك، معرض "Storm Cloud" الفني، وهو جزء من مبادرة PST Art، وهي مبادرة نظمتها شركة Getty.

ويقول أمين المعرض المشارك ميليندا ماكوردي، إن موظفي مكتبة هنتنغتون التي احتضنت المعرض يهدفون إلى استخدام مجموعات الفن والكتب في مؤسساتهم للكشف عن الجذور التاريخية لأزمة المناخ وإظهار "الترابط الذي لا ينفصم بين الفنون والعلوم" حول هذه الظاهرة.

ويحقق المعرض هذا الهدف من خلال مزيج مدروس ومثير مما يقرب من 200 منشور علمي وأدبي، وأعمال فنية، ووثائق.

*الفهم التاريخي المبكر لتغير المناخ

في تقريرها عن ترابط الفن والعلم في شرح ظاهرة تغير المناخ في سالف الأزمان، أشارت مجلة سميثسونيان إلى أن كثيرين يعتقدون أننا كبشر توصلنا إلى فهم الصورة الكاملة لأزمة المناخ خلال السنوات العشرين إلى الثلاثين الماضية فقط.

كما تقول كريستين أنتوني، المشاركة في تنظيم المعرض، مشيرة إلى أن العديد من زوار المعرض أصيبوا بالدهشة من أن هناك فهمًا للتأثير البشري على البيئة قبل وقت طويل من فهم معظم الناس اليوم لأزمة المناخ.

وكتبت العالمة يونيس نيوتن فوت مقالا عن تأثير ثاني أكسيد الكربون، الظاهرة التي تعرف الآن باسم تأثير الاحتباس الحراري، في عام 1856، لكنها مُنعت من قراءة ورقتها الرائدة في مؤتمر، وتم التغطية على مساهماتها من خلال ورقة بحثية أخرى قدمها بعد عدة سنوات عالم فيزياء يدعى جون تيندال.

وتم تضمين مقال فوت في المعرض جنبًا إلى جنب مع المنشورات التي تحذّر من استخدام الفحم والنفط.

ضمن التنبؤات الثاقبة أيضا بأزمة المناخ في بداية الثورة الصناعية، لوحة مشاركة في المعرض تعود إلى عام 1867، أعارها متحف أوتري للغرب الأميركي، يظهر قطار قادم يبشّر بالتقدم، مع هروب الغزلان من شعاعه، وتشمل اللوحة تعليقا توضيحيا في سياقه الدمار الذي أحدثته السكك الحديدية للنظام البيئي.

وتقول كارلا آن ميرينو نيلسن، أمينة المعرض المشاركة، "إن الأصوات التي ظهرت في المعرض في القرن التاسع عشر رغم أنها غير متجانسة، فإن بعضها كان شكاوى مبكرة ضد الصناعة، أو رثاء للتأثيرات التي خلفتها على العالم الطبيعي".

وبعضها الآخر كان "يحتفل بالصناعة وكان متفائلاً للغاية بشأن التكنولوجيا".

وتضيف نيلسن: "أردنا أن نظهر أنه كانت هناك دائمًا العديد من الاستجابات، ولكن أيضًا أن أصوات الحذر كانت متجاهلة لفترة طويلة جدًا".

*المناخ رابط جمع بين الفن والعلوم

ويتخذ معرض "سحابة العاصفة" Storm Cloud نهج دراسة الحالة الذي يسمح للزوار بفهم وجهات النظر التاريخية وتطور العديد من مجالات العلوم التي نشأت في هذه الفترة، بما في ذلك الجيولوجيا وعلم الجليد والأرصاد الجوية وعلم البيئة.

وفي كل قسم، يؤكد المعرض أيضًا على مساهمات النساء التي تم تجاهلها منذ فترة طويلة في العلوم والفن، ويعرض أعمال الرسامة العلمية "أورا وايت هيتشكوك"، وجامعة الحفريات وعالمة الحفريات الأولية ماري أنينغ، من بين آخرين.

ويؤكد المعرض باستمرار على مقدار الفن الذي كان جزءًا تاريخيًا من العلم، خاصة قبل التقنيات الميكانيكية الحديثة، عندما كان لا بد من تسجيل الملاحظات يدويًا حول عدد من الظواهر منها التغير المناخي.

ويستكشف القسم الخاص بالوقت الجيولوجي كيف وصف المعلمون مثل هيتشكوك تقديرات عمر الأرض من خلال تحديد الطبقات الجيولوجية في خرائط طويلة ملونة، بالإضافة إلى رسم مجموعات من الحفريات بعناية لفهم ونشر الاكتشافات البشرية للحياة القديمة.

ومن خلال أعمال علماء البيئة الأمريكيين مثل هنري ديفيد ثورو، الذي نُشرت محاولته الفلسفية للهروب إلى الطبيعة في كتاب عام 1854، يتضح عمل "ثورو"، كمستكشف، وتُظهِر خريطة في الكتاب مسحا جيولوجيا رسمها لنهر كونكورد، التي عرضت إلى جانب عصا المشي الخاصة به ومخطوطة، في حين أن ملاحظاته عن الطبيعة كانت عملية وشاعرية في الوقت نفسه.

تأملات معاصرة حول أزمة المناخ

وإلى تاريخ أقدم بكثير، أتاح القائمون على المعرض رمز QR، بمسح الزوار له بهواتفهم الذكية يأخذهم إلى موقع ويب يرسم مستويات ثاني أكسيد الكربون بين مطلع الألفية الماضية، عام 1000 والوقت الحاضر.

ويُظهر الرسم البياني منحدرًا لطيفًا ومتموجًا حتى أربعينيات القرن التاسع عشر، حيث يبدأ الخط عند هذه النقطة في الصعود قبل أن يتحول إلى ارتفاع حاد ومثير للقلق.

وتذكّر هذه البيانات، إلى جانب قائمة مستويات ثاني أكسيد الكربون التاريخية في الوقت الذي تم فيه صنع الأعمال على كل ملصق معرض، المشاهدين بأهمية موضوع المعرض.

وبحسب المجلة، هذه البيانات شارك في صياغتها نشطاء مناخ شباب مشهورون مثل جريتا ثونبرج، لإظهار مدى سرعة ارتفاع ثاني أكسيد الكربون في حياة الفرد، ولخلق المزيد من الطلاقة المناخية، بحيث يصبح الناس أكثر دراية بهذه الأرقام.